السبت، 2 ديسمبر 2017

مطفوق الديوان

مطفوق الديوان


في حي من أحياء مدينة من المدائن يوجد انسان خلوق اجتماعي يملك بيتاً على ناصية الشارع ، أنشأ وهيأ فيه ديواناً مكتمل الاستخدامات ومتنوع المستلزمات للضيافة والتكريم ، وجعله متاحاً ومفتوحاً على مدار الساعة كي يكون محطة ارتياح للزوار وملتقى الضيوف ، من أهل الحي ومن خارجه ، يجتمعون فيه ويتبادلون الأحاديث المفيدة ذات العلاقة بشؤون أهل المدينة ، وكان من بين الحضور بشكل دائم شخص يُلقّب بـ( المطفوق ) لكثرة لقافته الدائمة لإعتراض أحاديث المتكلمين بالتمسخر والتحوير والتفريع لكل موضوع عن وجهته وفكرته وسياق النقاش فيه بين المتحاورين ، ولأنه بهذه المنهجية أطلقوا عليه الصفة السابقة ، فأن أتى قالوا جاءكم المطفوق وإن ذهب قالوا فارق المطفوق !

لكنّ هذا المخلوق الموصوف بما وصف به ، استطاع أن يستسحب معه لتأييده واسناد منهجيته التخريبية بعض رواد الديوان من ضعيفي الشخصية ومعدومي الارادة والجبناء أمام سليط اللسان ( مطفوق الديوان ) الذين لإتقاء شره اللفظي اتبعوه خوفاً لا اقتناعاً ، فصاروا يؤيدونه ويصفقون له على طول الخط في الطالعة والنازلة صائبة أو خائبة ! ويقابلهم فريق عقلاني يحترم ذاته ويصون كرامته ويعتز بنفسه ، وهذا الفريق يتضايق من سفاهة المطفوق وتابعيه ، الذين لا يكفون عن التشنج الخطابي واللفظي السوقي الموجه للفريق العقلاني ؛ وكلما طفح الكيل وتواصل العليل من القال والقيل ، أطلع فريق العقلاء ، صاحب الديوان على الأمر المسئ لهم ، وله ، وللمكان ؛ وفي كل مرّة يهدئهم صاحب الديوان بأنه سينظر في الأمر ويعدّل الاعوجاج ، وأن عليهم الصبر، وكل شئ سيكون إلى الأحسن !

ولأن المطفوق لم يكف غيه ويقصر شرّه ، بدأت علامات الاستغراب على وجوه العقلاء وصاروا يتساءلون عن إن كان للمطفوق صلة قرابة أو فضل أو ممسك من أي نوع يجعله يتمادى في منهجيته المسيئة دون أن يوجه له صاحب الديوان لوماً أو تحذيراً أو اجراءً يجبره على احترام الحضور والمكان والمضيّف ؟!

فجاءت الاجابات المتبادلة بين المتسائلين معتددة ومتنوعة ، اجابة تقول أن للمطفوق صلة قرابة عائلية أو مصاهرة أو إنتساب فئوي ، واجابة تقول أنه مساهم في تكاليف تهيئة الديوان ومستلزماته ، واجابة تقول أنه مفروض بتوصية من نافذ أو عزيز على صاحب الديوان ، ولواحدة أو كل هذه الأسباب ، يتحاشى صاحب الديوان اغضاب المطفوق ، على الرغم من أنه لا يقره على صفاقته وسلوكيته التشنجية مع الضيوف ، وكأن لسان حال صاحب الديوان يقول " العين بصيرة واليد قصيرة " ومن هنا فهم وأدرك العقلاء أبعاد الحقيقة ، فأعذروا وصبروا عسى أن تأتي الأيام بما يخزي المفسدين ويبعد سوءَهم عن المتضررين الصابرين !؟


* القصة تم نشرها في موقع الشبكة الليبرالية الحرة ، فإستلبسها عضوا هناك يسمي نفسه / معرّفه بـ(الفيلق)! https://libral.org/vb/showthread.php?t=261435

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بجرة قلم تباعدوا .. وبجرة قلم تحاضنوا !؟

بجرة قلم تباعدوا .. وبجرة قلم تحاضنوا !؟ في لحظة غياب عقل ( وهو - خلقة - غائب في هذه البقعة البقعاء ) تزاعلوا ، علامَ ؟ لا أحد يعلم ! وتب...