السبت، 17 أكتوبر 2020

الكويت في عهد الشيخوخة

الكويت في عهد الشيخوخة



تبدأ دورة الحياة للكائن الحي بالنمو صعوداً منذ الولادة حتى مشارف ثلاثة أرباع القرن تقريباً – في حال السلامة من الاعتراضات الصحية التعويقية – ثم يبدأ سهم خط الصعود بالإنحناء نزولاً حتى الاندثار والإختفاء عن الوجود ، هذا المسار الحياتي يشمل الدول بمؤسساتها من حيث مسارها التنموي أو نهجها المؤسسي أو هرمها القيادي ؛ واذا كان النمو يتوقف على النشاط والتناغم المؤسسي ، فان هذا الأخير يستلزم وجود هرماً قيادياً متيقظاً عقلاً ، ومتقداً فكراً ، وصادقاً عملاً ، ومتفهماً تعاملاً ، وديناميكياً متحركاً قابلاً للتكيف بحسب الظروف ، ولا يمكن تتوفر هذه الصفات الحيوية في مَن بلغ من العمر عتياً ، وصار جسداً متخشباً لا يكاد يستطيع الحركة ولا التفكر ولا التبصر واتخاذ القرار الجرئ الجاد في الوقت المناسب بالشأن المستهدف ، وهو بهذه الحالة ( الهرمية ) سيكون عرضة للإملاءات ( المشورات والنصائح ) التي أغلبها ذات منحى مصلحي ذاتي ليس منه ولا فيه منفعة للصالح العام !
الكويت بعد رحيل الأمير صباح الأحمد ، تولى قيادتها ( أميراً ) الشيخ نواف الأحمد تلقائياً بحسب الدستور والأحقية الترتيبية لكونه ولياً للعهد في عهد صباح الأحمد ، ومعلوم أن نواف الأحمد كبير في السن ( 83 ) وكان يؤمل أن يختار ولياً للعهد من الصف الثاني في أُسرة آل الصباح يكون في متوسط العمر ومن ذوي الخبرة والمعلومية والدراية السياسية والممارسة العملية في عدة جهات ذات أهمية من المرتكزات المؤسسية التي تقوم عليها الدولة كالأقتصاد والأمن والإلمام السياسي ( الدبلوماسي ) لكن الأمل لم يتحقق حيث اختار الأمير نواف أخاه مشعل الأحمد ( 80 عام) ولياً للعهد ، وبالرغم من أن مشعل معاصر للعمل المؤسسي وخريج أمني من بريطانيا ، وقد إلتحق بوزارة الداخلية وترقى فيها الى رتبة عقيد وترأس المباحث العامة التي حولها بقرار منه الى أمن الدولة ، وأخر منصب له قبل ولاية العهد كان نائب رئيس الحرس الوطني ، بالرغم من كل ذلك إلا أن العمر ( السن ) له دور وتحكِّم ، فليس الهرم – مهما كان متمتعاً بالصحة – بمستوى الشاب في التفكير والتقدير والتدبير لا سيما حين يكون من ذوي الفكر المستنير والعقل القرير ؛ ولأن الأمر كذلك ، فقطعاً سيكون مشعل الأحمد عرضة لهجمة من المشورات والنصائح الاستغلالية والانتهازية التي أغلبها – إن لم يكن كلها – تُعطى بمظهر حسن وتُبطّن بهدف سئ ، بمعنى أنها مشورات – بالعمق - تخدم مصالح فئوية وطبقية ومستويات اجتماعية معينة ، وكل ذلك سيكون على حساب الصالح العام للوطن ، ومصدر قسوة وظلم للمواطن البسيط الذي هو أول مَن يطبق عليه القانون حين المحاسبة وأخر مَن ينصفه القانون حين المطالبة بالحق !

وبناء على ما سلف بيانه في هذا المقال فأني أرى أن الكويت قد سلكت مسلك الشيخوخة بدءاً بتولي الأمير نواف للحكم ، وتثنية بإختيار مشعل الأحمد ولياً للعهد ، وسف يكون هذا العهد نكسة للكويت كدولة بمؤسساتها الدستورية ، ومنهجيتها الديمقراطية ، ومسلكيتها الأمنية ، ومتطلباتها الاقتصادية ، وسيكون – وأتمنى عكس ذلك – هذا العهد الشيخوخي تحطيماً قاتلاً للآمال والطموحات الشعببية الكويتية ، فقد بدأ التحطيم من حيث الحريات التعبيرية مع بداية عهد صباح الأحمد الذي اعتمد سياسة التضييق والتعسف الأمني المتمثل في اعتقال المغردين وتحويلهم للقضاء وسحب جناسي مَن يوصفون بالمعارضين ( المطالبين بتطبيق مواد الدستور ) حتى أن الكويت لأول مرة في تاريخها يكون بن مواطنيها معارضين ولاجئين في الخارج هرباً من الملاحقات الأمنية والأحكام القضائية التي لم يألفها الشعب الكويتي قبل عهد صباح الأحمد !

عبارة قالها مشعل الأحمد في كلمته التي أعقبت القسم الدستوري ، موجهاً الكلام لئيس مجلس الوزراء ( صباح خالد الصباح ) ورئيس مجلس الأمة ( مرزوق علي الغانم ) ولم تكن محل ترحيب من غالبية المواطنين الكويتيين ، هي قوله " أحتاجكما ، وأنتما باقين معنا " ما يعني أن رئيس مجلس الوزراء – برغم ما عليه من الملاحظات الاخفاقية وعدم الرضا الشعبي – سيعاد تكليفه بتشكيل الحكومة ، وكذا رئيس مجلس الأمة – صاحب النهج المؤيد للخارج والمعارض لما يحتاجه الداخل – سيناصره ولي العهد ( مشعل الأحمد ) في الانتخابات البرلمانية القادمة لينجح ويكون – أيضاً – رئيساً لمجلس الأمة ، ليقود المجلس بالتبصيم للحكومة ، والتقصيم للمواطن ، فتدور العجلة بالسوء من جديد لمواصلة السوء العتيد !
  

8أكتوبر2020م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بجرة قلم تباعدوا .. وبجرة قلم تحاضنوا !؟

بجرة قلم تباعدوا .. وبجرة قلم تحاضنوا !؟ في لحظة غياب عقل ( وهو - خلقة - غائب في هذه البقعة البقعاء ) تزاعلوا ، علامَ ؟ لا أحد يعلم ! وتب...