احذروا واحتاطوا لـ( رابعة عدوية سودانية ) أيها الثوريون السودانيون !
في مقال سابق أبديت التخوف من أن تُختطف الثورة السودانية من أيدي أهلها ، بثورة مضادة يتم فيها استنساخ التجربة السيسية التي قلبت أوضاع مصر رأساً على عقب بفعل التدخل المالي الخليجي وفي المقدمة والفاعلية المؤثرة المال السعودي ونظيره الاماراتي ، فهاتان الدولتان الخليجيتان هما أشد مَن يعارض ويحارب التطلعات الشعبية لا سيما في الوطن العربي ، وذلك بسبب أنهما تُداران بنظامين دكاتوريين سلطوييْن قمعييْن لا يريان الشعوب ويتعاملان معها إلا كقطيع من الماشية ملكاً للعائلتين الحاكمتين في هاتين الدولتين يتصرفان بالقطيع كيفما يشاءان ، ذبحاً أو حجراً في الزرائب ! فإذاما ثار شعبٌ على سلطة دكتاتورية استعبادية في بلاده حتى لو كان في أقاصي الجغرافية العربية ، فأن هاتين الدولتين ( السعودية والامارات ) ترتعدان رعباً وترتجفان فزعاً ، خوفاً من أن ينتقل اليهما المدد الثوري التحرري ، خاصة وأن المسرح فيهما مهيأ للتجربة وقابل لتقليد الجديد ، لذا فأن هاتين الدولتين تلجآن لسلاح المال الحرام المنتزع من جيوب الشعبين السعودي والاماراتي ، فتبذلانه في مساع التخريب وقلب الأوضاع المستجدة الى عكس اتجاهها في أي دولة يثور شعبها على النظام الحاكم المستبد في بلاده !
وقلت - أيضاً - بالسابق أن مِمّا قد يفشل الثورة السعودانية هو مبالغة قوى الحرية والتغيير في الطلبات التي بعضها يتصف بالتشنج ، كالفترة الانتقالية حيث طالبوا بأن تكون 4 سنوات ، وهذا يعني أنهم ينوون الامساك والترسخ طيلة هذه المدة بمفاصل الدولة وتسييرها بما يخدم مصالحهم حين تُجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ، فلم يُذكر في التاريخ أن فترة انقالية لأي ثورة شعبية امتدت لأربع سنوات ؛ ونشير هنا الى أن قوى الحرية والتغيير قد قبلوا - بعد اصرار المجلس العسكري على عدم قبول الأربع سنوات - بمقترح حل وسط ينص على أن تكون الفترة الانتقالية 3 سنوات ، لكن القبول حصل بعد أن التهب المشهد وتكهرب الوضع !
وذكرت - كذلك سابقاً - بأن تعنّت المجلس العسكري ورفضه بأن تكون ادارة الدولة من مدنيين وعسكريين ولكن بأغلبية مدنية ، حيث أصر المجلس العسكري على أن يرأس - هو - الادارة ( المدنية - العسكرية ) وله فيها الأغلبية !
وبرغم أن قوى الحرية والتغيير قبلت الحل الوسط بشأن الفترة الانتقالية ، لم يقابل المجلس العسكري هذه الخطوة ، بتنازل من جانبه سواء من حيث الأغلبية أو الرئاسة ، وذلك دليل على أنه ينوي شيئاً يضمر أمراً !
الآن اتضحت الرؤية بجلاء لا يقبل التشكيك بأن المجلس العسكري لا ينوي تسليم ادارة الدول للمدنيين ، وأنه في صدد - ربما - الانقلاب على الثورة بإستنساخ للتجربة السيسية في مصر ، وبذات عواملها التي اُستخدمت فيها وأهمها المال السعودي الاماراتي الذي انهمر على المجلس العسكري منذ اليوم الأول للثورة كما حصل وبتكرار تفصيلي مع السيسي ، من ذات الدولتين المحاربتين لتطلعات الشعوب ، ولا أدل على ذلك من زيارة رئيس المجلس العسكري السوداني عبد الفتاح برهان الى مصر وإلتقائه بسميّه عبد الفتاح السيسي ، وبالتأكيد تلقى التعليمات منه بشأن استنساخ التجربة المصرية السيسية ، واليوم ذاته - عبد الفاح برهان - قام بزيارة الى الامارات وسيتلقى محمد بن زايد الذي سيزوده بالتوجيهات والإغراءات اللازمة لوأد الثورة !
وبالأمس كان نائب رئيس المجلس العسكري السوداني محمد حميدتي في ضيافة ولي عهد السعودية محمد بن سلمان ( أبو منشار ) ومن هناك أعلن مؤكداً بأن القوات السودانية العاملة ضمن تحالف الحرب على اليمن ستبقى تذود عن الحدود السعودية ، وتحمي القواعد العسكرية الاماراتية في الجنوب اليمني ، وطبعاً هذا التعهد أثلج صدور السعوديين والاماراتيين ، وبالتأكيد مهروا الشيكات اللازمة وقدموها لحامي حماهم بجنود نصفهم أطفال تتراوح أعمارهم من 14 - 17 سنة !
ختاماً ، أقول ومن هذا المنبر الذي أعتقد أن بعض رواده ( أعضاءً أو زوّراً ) من السودان : اذا لم يتدارك الثائرون ثورتهم بالإلتفاف حولها بتكثيف الحشود ومواصلة وتعميم المظاهرات واعتماد العصيان المدني ورفض التدخل الخارجي مهما كان مصدره واغراءاته ، وحتى اذا لزم الأمر الانقضاض على القيادة العسكرية بأمواج شعبية واقتلاع المجلس العسكري من جذوره ، فلن تتحقق آمالهم وستموت طموحاتهم وتقبر ثورتهم ، وسوف يكون حالهم أسوأ من حال المصريين في عهد السيسي ، ولا أستبعد أن يستخدم المجلس العسكري السوداني ذات ما استخدمه السيسي في فض الاعتصامات ؛ احذروا واحتاطوا أيها الثوريون السودانيون لـ ( رابعة عدوية سودانية ) مستنسخة عن سابقتها المصرية !
تاريخ الانشاء والنشر 26/5/2019م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق