الملك يأمر وولي العهد يمهر والاعلام يزمّر !

من المعائب المتمثلة في قلب الحقائق وتشويه المفاهيم والتلبيس والتدليس والتضليل التي يمارسها بعض مَن يعتبرون أنفسهم اعلاميين أو مثقفين أو محللين وحتى سياسيين ، هي أن ينسب العمل لغير عامله والانجاز لغير منجزه ، لا لشئ إلا من أجل تلميع المنسوب له ما ليس من اجتهاداته وانجازاته ، بهدف الترغيب والتحبيب فيه ، لأنه في نظر المطبلين من قالبي الحقائق سوف يكون مدخلاً أو أداةً لتحقيق مآربهم التي لم يستطيعوا تحقيقها مع المصروف عنه النظر وان كان هو الفاعل الحقيقي لما يُدلّسون فيه لإنسابه لغير بانيه !
وبناءً على ما سلف شرحه وتأكيداً لما جاء فيه فأن المتابع للشأن السعودي يلاحظ بجلاءٍ تام هوجة النفخ في بالون محمد بن سلمان أو كما يسمى شعبياً ( الدب الداشر ) نفخاً أقل ما يقال عنه أنه نفاقٌ فاضح وتدليس جانح ، ذلك لأن الأجراءات التي قلبت الوضع في المملكة السعودية رأساً على عقب لو لم يباركها ويوافق عليها - وربما هو الذي أمر بها - الملك سلمان ، لما حصلت بتاتاً ، لسبب بسيط يتمثل في :
أ) سلمان بن عبد العزيز هو الملك الذي يتبوأ هرم الدولة ويرأس مجلس الوزراء ، وهذان المنصبان هما المهيمنان على [ كافة ] شؤون الدولة ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتغير الوضع المعهود في البلاد إلى عكسه إلا بأمرٍ أو مباركةٍ أو موافقةِ الملك إن كان يتمتع بكامل قواه العقلية .
ب) محمد بن سلمان ما زال في دائرة المراهقة تصرفياً وسلوكياً وان تجاوزها بخطوة واحدة عمرياً ، ما يعني أنه معدوم الخبرة والدراية ويفتقر لملكة التركيز والتفكير والتحليل السليم ، اضافة الى أن الطاقم المعاون له عبارة عن مراهقين طائشين كالقحطاني وآل الشيخ ؛ وان كان وراء الكواليس مدبّرون غير ظاهرين من المخضرمين المتبحرين في سبر أغوار البحور السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وغيرها من الشؤون الحياتية التي تهم الدولة والشعب ، ويسدون في ذلك للمستعين به النصح والارشاد ، فأن جهدهم لا يمكن أن يظهر للنور ويطبق عملياً على أرض الواقع ما لم يحظى بموافقة الملك حتى ولو مهره بالتنفيذ ولي العهد .
لذا فأن صحيح المنطق وما تعقله العقول هو أن الملك سلمان لا يريد أن يتهم في أرذل العمر بأنه تنكّب ما كان يقوله هو وأسلافه الذين تعاقبوا على حكم المملكة ، من أن السعودية دولة اسلامية سلفية دستورها القرآن والسنة النبوية ، وأي تصرف تحوم حوله شبهة المحرومية كالسينما والترفيه المختلط وقيادة المرأة للسيارة وتحجيم هيئة الاحتساب ( الأمر بالمعروف والنهية عن المنكر ) وغيرها من المحرمات والمكروهات ، هي أمور محذورة وممنوع ومجرّم الاشارة إليها برغبة أو طلب أو تمني ، دعك من الشروع في الممارسة التي تؤدي بصاحبها الى غياهب السجون أو ربما الاعدام ؛ ومن هنا صعب على سلمان تسمية الأمور بأسمائها بحيث يُعزى له التحول المبهر في المسلك السعودي الذي قلب البلد رأساً على عقب في أقل من سنة مسح ما بني في قرن ، حيث تحول كل شئ الى ضده ( الحرام حلال والعكس ) و ( الممنوع مسموح والعكس ) و ( المكروه مرغوب والعكس ) بل حتى الدين بفرعه الفقهي تم نسفه من الأساس وترسية على أنقاضه ما يشتهي طفوش الناس ، فأمر سلمان بأن تُنسب هذه التحولات المفاجئة والمتسارعة والمخالفة لما بنيت عليه وسارت السعودية طيلة قرن من الزمن ، لابنه ( ولي العهد ) منها كي يبعد نفسه - أي الملك سلمان - عن الملامة الشنيعة من المسلمين المتمسكين بحذافير الدين من أبناء الوطن ومن العالم الاسلامي ، ومنها حتى يسوّق لابنه ويُرغب الشعب فيه بغية حشد شعبية له تسنده وتعزز موقفه اذاما حان محين توليه للحكم بعد موت أبيه أو تنازله له !
وهكذا قال سلمان كن ، فكان التحول من شأنٍ الى شأن ، وتم تحييد قال الرسول وقال الرحمن !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق