عادل الجبير يبرر اساءة بوريس جونسن!
أول مرة في التاريخ يعتذر ويبرر وزير خارجية دولة اساءة وجهت لدولته من وزير خارجية دولة أخرى ! ذلك ما فعله وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مع وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون حالما هبطت طائرته في مطار الرياض زائراً السعودية بعد أن كان قد شتمها واتهمها برعاية الارهاب واستخدام الدين لتنفيذ حروب بالوكالة في المنطقة الشرق أوسطية ، وكان ذلك بصريح العبارة ووضوح التعبير في مؤتمر عقد في روما وحضره لفيف من الصحافيين عن جميع الوكالات والصحف الورقية والإلكترونية ومراسلي القنوات الفضائية ، ما يعني أن الخطأ معدوم والتأويل لا يقوم ، حيث جميع الحضور نقلوا تصريحات الوزير البريطاني بالحرفية ، وليس من المنطقي ولا المعقول أن يتطابق الناقلون في ما نقلوا ثم يأتي مَن يقول تصريحات الوزير البريطاني استقطعت من سياقها أو أُسئ فهمها أو أُخطئ تفسيرها كما قال عادل الجبير في شأن تصريحات بوريس جونسون !
فما الذي جعل الجبير ينصب نفسه مدافعاً عن المسئ لبلاده ويستخدم عبارات التبرئة للوزير البريطاني ، بحيث يقول أن تصريحات الوزير اقتطعت من سياقها وأُسئ تفسيرها ؟! أليس من المفروض أن يقول هذا القول التبريري الوزير البريطاني مدافعاً عن نفسه ومستلطفاً مضيفيه السعوديين الذين شتمهم واتهمهم بتوظيف الدين لدعم الارهابيين ، ثم زارهم قبل أن يعتذر لهم أو يخطئ ناقلي تصريحاته المسيئة ، وكأنه يزور مقاطعة بريطانية يتولى شؤونها رئيس بلدية ، وليس مملكة عربية سعودية اسلامية يقودها ملك ينتمي لأسرة قبلية مشهورة ويتلقب بخادم الحرمين الشريفين ؟!
ان هذا التصرف الذي مارسه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لا تفسير له – بتاً – إلا أن السعودية وصلت الى أسوأ محطات تاريخها بسبب تفريعات وتناقضات تعاملاتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية مع المحيطين بها بل والأبعد من المحيطين ، فوجدت نفسها في بحر من أمواج العداء المتلاطمة شعبياً وقيادياً من عديد الدول والشعوب ، وفي مقدمة هؤلاء الأعداء الحليف التقليدي الأمريكي الذي سنّ تشريعاً لمحاسبة مَن يثبت تورطتهم بجريمة 11 سبتمبر 2001 التي شارك في تنفيذها 15 سعودياً ، وتعهد رئيس العهده الأمريكي الجديد ( ترامب ) بأنه حالما يتسلم مقاليد الأمور الرئاسية في 20 يناير 2016 سيبدأ بتدفيع السعودية ضريبة الحماية الأمريكية طيلة 72 عاماً ، وان لم يدفعوا سيتخذ بشأنهم قراراً يكسر الظهر ويفرق المظهور بتغييب النظام السعودي عن الوجود الدنيوي !
ويبدو أن الجبير لم يتصرف من ذاته بتبرير الاساءة لبلاده بهذا الشكل الفاضح ، وانما جاءته التوجيهات من السلطة العليا بتنفيذ ذلك أملاً في استعطاف المملكة المتحدة لتكون مدافعاً عن السعودية مقابل أمريكا ( ترامب ) أو تحل محلها ان استدعت الظروف الابتعاد – ولا أظن ذلك سيكون – عن أمريكا ، ولا شك أن بريطانيا مسرورة بهذا الانكسار والضعف والانحسار السعودي الذي أطاح لها العشاء بيسر وسهولة من غير جهد جهيد ، ومن ناحية أخرى كونها - أي بريطانيا - قد خرجت من الاتحاد الأُوروبي وفقد الكثير بسبب ذلك ، وهي بحاجة إلى تعويض ما فقدته من منافع أُوروبية ؛ ولا أنسب في هذه الحالة من السعودية التي ستكون - بحكم الهيمنة وفرض التبعية على الخليجيين – الباب الذي يدخل منه المستثمرون والمتاجرون الى المنطقة الخليجية ، مِمَن ترضى عنهم وتتعامل معهم السعودية !
ولهذا الأسباب صارت اساءة البريطاني مدحاً للسعودي استحق عنها بوريس جونسون الحفاوة والتكريم !
تريخ النشر 13/12/2016م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق