جزر الهناء .. ومخلوق الفناء
على سطح الكرة الأرضية توجد جزر متجاورة ومتجانسة في نمط الحياة وأهلها متشابهون ومتماثلون في البشرة واللغة والديانة وبينهم مصاهرات وامتدادات أُصولية عائلية وقبلية ، وكانت تنعم بالهدوء والسكينة والمعيشة الهانئة الرغيدة في جو من الألفة والطمأنينة ، ولهذا أُطلق عليها ( جزر الهناء ) نسبة لما تهنأ به من النعم والخيرات المادية والمعنوية والصحية والأمنية ، حتى ظهر في بيت من بيوت احداها مخلوق غريب المسلكية مشبوه المنهجية ؛ ولأنه كذلك فقد اعتبره أهل الجزيرة مختلاً عقلياً ، وصاروا يتعاملون معه ويعاملونه على مبدأ [ ليس على المجنون حرج ] ولم يدر بخلدهم أن هذا المجنون سيقلب حياتهم الى جحيم وعذاب مقيم ، وهذا هو الذي حصل بالفعل بعد أن إلتف حول المجنون مَن كانوا في البداية يتسلون بحكاياته التي لا منطقية فيها ، ولا مصداقية لها ، لكنها تجلب لهم الضحك والتسلية واشغال وقت الفراغ .
ومع مرور الوقت أدمن البعض من صبية ومخابيل الجزر الواق واقية ، مجالسة ومتابعة ومرافقة ذلك المخلوق المجنون الى درجة أنهم لا يستطيعون الابتعاد عنه ، وصاروا يعادون قومهم لإرضائه ، بل دخلوا مع قومهم في قتال دموي بسبب ذلك المجنون الذي امتلك قلوب الأتباع بما لوث به أفكارهم .
ولم تطل السنون حتى قويت شوكة ذلك المخلوق بإلتفاف البعض حوله ، وبرزت هيبته وترسخت سطوته وتوسعت هيمنته ، فبدأ مستعيناً ومستقوياً بمَن سمم أفكارهم ونقل لهم عدوى الجنون الهلوسي ، في تصفية منتقديه والمعارضين له من أهل جزيرته - أولاً - حتى أخضعهم لسطوته وأجبرهم على طاعته وتنفيذ أوامره ، ثم استعان بمَن تشربوا فكره وأتقنوا نهجه ، لنشر نفوذه الى الجزر المجاورة ، ومارس في ما صل اليه منها عبثه وفساده ، حتى ساءت حياة أهلها وتنغصت معيشتهم وعم الخراب مجتمعهم ، وما زال العبث الافسادي منتهجاً ومستمراً في الجزر التي وصل إليها نفوذ ذلك المخلوق الغريب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق