الثلاثاء، 24 مارس 2015

لماذا لا يتم التطبيع مع اسرائيل ؟!

لماذا لا يتم التطبيع مع اسرائيل ؟!



جميع المنصفين – من أصحاب العقول الرزينة والعواطف السجينة – يعلمون بأن اسرائيل لم تعتدِ يوماً على دولة عربية ( من غير سبب ) منذ أن قامت – من جديد - الدولة العبرية في بداية القرن العشرين , و العكس هو الصحيح , أي أن العرب هم الذين كانوا وما انفكوا يشنون الحروب والاعتداءات على اسرائيل , ويهددونها ويتوعدون شعبها بالزوال وسوء المآل في كل خطاب ومقال ! وهم ( العرب ) الذين بدأوا بجميع الحروب التي حصلت مع الاسرائيليين , بيد أن الاسرائيليين كانوا يسحقون العرب ويردونهم على أدبارهم خاسرين وفي سعيهم خائبين , وذلك في ختام كل حرب يشنونها ظلماً وعدواناً ضد اسرائيل .. الله لا يحب الظالمين ولا ينصر المعتدين .

وحين أراد جمال عبد الناصر أن يكون زعيماً أوحداً للأمة العربية من شرقها الى غربها ومن جنوبها الى شمالها وفوق أرضها وتحت سمائها , ومهّد لذلك بالإرعاد والإزباد والقسم والتعهد بأن لا يبقي للإسرائيليين بقية حيّة , وأن يلقي بهم في البحر الأبيض المتوسط طعاماً وإكراماً للأسماك الجائعة المشتاقة للحوم البشرية ؛ في حين ذاك شن العرب بقيادة مصر ( جمال عبد الناصر ) الحرب على اسرائيل ( 5 حزيران 1967م ) , وكانت النتيجة لإسرائيل الانتصار والشموخ والفخار , وللعرب الخزي والعار والخراب والدمار! .

وكشفت تلك الحرب مدى الخور والانحدار الذي هم فيه عرب الشعارات الجوفاء والسياسات الخرقاء , حيث سحق جيش الدفاع الإسرائيلي أربع جيوش عربية في المواجهة المباشرة وأخرى بعدد الدول العربية أتت من الأقاصي مناصرة ومساندة , وأسفرت تلك الحرب عن احتلال اسرائيل لكامل سيناء من مصر , وكامل الضفة الغربية من الأردن , وكامل الجولان من سوريا , و( التحلية ) بكامل جنوب لبنان !

ثم بعد ذلك قالت اسرائيل لهؤلاء المهزومين الذين لم تجف أحبار خطاباتهم التهديدية : ان أردتهم السلام واعادة الأراضي التي ليست أرضاً اسرائيلية تم تحريرها واستعادتها الى ملكية أهلها ( بني اسرائيل ) فعليكم ابرام معاهدة سلام بالاعتراف والاحترام , والتوقيع على اتفاقية عدم اعتداء ممهورة بالضمان الدولي , والبدء في المباشرة بالتطبيع الدبلوماسي والاقتصادي والاعلامي مع اسرائيل , وان لم تقبلوا فـ" أعلى ما في خيلكم اركبوه " .

وهنا انقسم العرب الى قسمين :

1) قسم ركن للعقل واحتكم اليه فتبين له أن رفض العرض الاسرائيلي يعد جنوناً يسوق الى التهلكة والاندثار , ففضل منطق العقل وباشر في الصلح مع اسرائيل بالتطبيع التام بجميع درجاته وتصنيفاته ؛ وكان أول الشجعان الرئيس المصري ( أنور السادات ) حيث أنقذ سيناء باتفاقية سلام وصلح مع اسرائيل , ولحق به مسرعاً ملك الأردن ( حسين ) ففك الارتباط بالضفة الغربية باعتبارها أرضاً فلسطينية والفلسطينيون أولى بادارة شؤونهم , وأبرم اتفاقية سلامة وصلح مع الاسرائيليين .

2) قسم رأى نفسه الأذرب ورأيه الأصوب فكابر ولم يستجب , ومنذ ذلك التاريخ المخزي ( نكبة حزيران ) الى هذا اليوم وحالهم من سئ الى أسوأ ومن ردئ الى أردأ !

صانع القرار ومتولي القيادة في العالم العربي يفترض فيه الجرأة والصدق ومخاطبة الناس بمنطق العقل لا بتخدير العاطفة فيقول : إن اسرائيل حقيقة واقعة وازالتها من الوجود عملية مستعصية , بل مستحيلة , وعلى العرب التخلي عن الكبرياء الزائفة , والتواضع الى مستوى قدراتهم وامكانياتهم , ويتخلوا عن الصراخات التوعدية والشعارات التهديدية , وأن يقرأوا صفحات الواقع الماثل ببصرٍ وبصيرة , ثم يتخذوا القرار الشجاع بالتطبيع الشامل مع دولة اسرائيل , ليتم التعايش السلمي بين العرب والاسرائيليين فيسعد الجميع وينعم الكل بنهاية الدوامة الدموية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بجرة قلم تباعدوا .. وبجرة قلم تحاضنوا !؟

بجرة قلم تباعدوا .. وبجرة قلم تحاضنوا !؟ في لحظة غياب عقل ( وهو - خلقة - غائب في هذه البقعة البقعاء ) تزاعلوا ، علامَ ؟ لا أحد يعلم ! وتب...